
كثيراً ما يتم تمثيل وتجسيد الموت في بعض المعتقدات بأشكال وشخصيات تخيلية معينة كان الاوغاريتيون في نصوص القرن الرابع عشر قبل الميلاد يجسدون الموت باعتباره إلهاً قوياً بإسم دال على فعله وهو ” موت ” كان أحد أبناء الإله الأكبر ” إيل” كما كان في صراع مع إله العواصف الإله” بعل” وسبق ان كتبت لكم عن هذا الصراع في المقالة الخاصة في الملحمة الأوغاريتية كذلك وجد الإله موت بذات التمثيل عند الفينيقيين عبر ما وصلنا في رواية” فيلو من جبيل ” الذي بين ان ” الإله موت” ابن للإله “ايل” الذي ربطه الأخير “بكرونوس” و”موت” ربطه بإله الموت الإغريقي “ثاناتوس” .
انتقل موت من الدين الكنعاني إلى اليهودية بالإسم مَويثמות ، وتم تمثيله كملاك من الأمثلة نذكر :
- ملاك الموت في الملوك الثاني ١٩ :
٣٥- وكان في تلك الليلة أن ملاك الرب خرج وضرب من جيش أشور مئة ألف وخمسة وثمانين ألفا. ولما بكروا صباحا إذا هم جميعا جثث ميتة.
-الملاك المهلك في سفر صمؤيل الثاني ٢٤ :
١٦- وبسط الملاك يده على أورشليم ليهلكها، فندم الرب عن الشر، وقال (للملاك المهلك) الشعب: «كفى! الآن رد يدك». وكان ملاك الرب عند بيدر أرونة اليبوسي. - ملاك الموت מלאכי־מות في سفر الامثال ١٦:
١٤- غضب الملك (رسل الموت) ، والإنسان الحكيم يستعطفه .
نلاحظ انه قد ذكر هذه الملائكة دون تحديد تسمية محددة انما كان يتم تمثيل هذا الملاك وتحديده بصفات تتعلق بعمله الذي يقوم به .
لكن الاسماء الشهيرة لملائكة الموت المعروفة قد وردت في التقاليد اليهودية فيشار مثلاً إلى أحد الشخصيات التلمودية المعروفة ب سمائيل Samael סַמָּאֵל و معنى اسمه نقمة الله أو الإله الأعمى وهو رئيس الملائكة في العلم التلمودي وكثيراً ما يتهم بأنه الشيطان و الملاك الساقط وذلك لان العديد من الوظائف المرتبطة بالشيطان في المسيحية متواجدة في سمائيل لكن بصراحة لا يمكن اعتباره هكذا فحسب التقليد التلمودي له وظائف جيدة متمثلة بتدمير الخطاة .
تشير النصوص التلمودية ان أعظم ادوار سمائيل هو دور الملاك الرئيسي للموت ورئيس للشياطين في بعض علم الكونيات الغنوصية ، أصبح دور سمايل كمصدر للشر مرتبطاً مع الديمورجي .
كما يشار إلى ملك الموت بالاسم عزرائيل Azrael עֲזַרְאֵל في التراث الإسلامي وبعض التقاليد اليهودية التي جاءت بعد الإسلام ، بالرغم من اسمه لا يذكر صراحة في القرآن فقط تُذكر وظيفته فقد اعتاد المسلمون تسميته باسم ” عزرائيل “، يُترجم الاسم الكنعاني إلى “مساعد الله” و في كل من الإسلام واليهودية المتأخرة مسؤول عن مصائر البشر في الإسلام هو أحد الملائكة الأربعة الكبار ، و مسؤول عن نقل أرواح الأموات بعد الموت ويحتل المرتبة الرابعة بين الملائكة .
اليوم عالمياً اكثر شكل معروف لملاك الموت هو شخصية “حاصد الأرواح” أو ” Grim Reaper ” وهي عادةً ما تكون عبارة عن هيكل عظمي ، يلبس رداء غامق وغالباً أسود ويرتدي قناع يحمل منجل لحصد الأرواح البشرية كالتي نراها في فيلم الرسوم المتحركة المرفق الذي وضعته لكسر النمطية في طرح المعلومة لا اكثر ، ولكن كيف ومتى أصبحت هذه الصور النمطية مرتبطة بالموت؟
أول ظهور لغريم ريبر أو حاصد الأرواح كان في أوروبا خلال القرن الرابع عشر ، خلال ذلك الوقت كانت أوروبا تتعامل مع ما كان في ذلك الوقت أسوأ وباء في العالم ، وهو” الموت الأسود” الذي يُعتقد أنه مرض الطاعون.
ويقدر أن حوالي ثلث سكان أوروبا في ذلك الوقت قد لقوا حتفهم نتيجة لهذا الوباء القاتل، فكان لتلك المأساة الأثر الكبير في نفوس من بقى على قيد الحياة وليس من المستغرب أن يجسدوا الموت بشخصية يمثلونه بها .
ولكن لماذا الهيكل العظمي؟ و لماذا المنجل؟ لماذا و الرداء الأسود بهذا الشكل ؟
-الهيكل العظمي هو رمز للموت فهو مصير الجثث بعد تحلل جسم الإنسان فلايبقي الموت منه سوى العظم ، -أما الثوب يذكّرنا بالأثواب التي كانت ترتديها الشخصيات الدينية المسيحية في اوروبا في ذلك الوقت عند قيامهم بالخدمات الجنائزية.
- المنجل هو صورة رمزية مأخوذة من الممارسات الزراعية في ذلك الوقت:حيث تم استخدام المناجل لحصد المحاصيل اليابسة التي انتهى عمرها من الأرض كذلك تفعل المناجل تحصد الناس التي انتهت اعمارهم من الأرض .
Amjad Sijary