
كما نعلم كانت مدينة أوغاريت تشكل حاضرةً لمملكة شهيرة من العصر البرونزي والعصر البرونزي المتأخر حيث كانت نهاية هذا العصر مرافقةً لنهاية هذه المملكة السورية القديمة.
أُبتكرت في أوغاريت أقدم ابجدية بالعالم حيث تم تدوين هذه الأبجدية بذات الطريقة التي تُدون بها الكتابة المسمارية التي كانت متداولةً في بلاد الرافدين كما كانت أبجديتها تشكل 30 حرفاً صوتياً مختلفاً بالتالي تضم هذه الأبجدية معظم الاصوات التي ينطق بها الإنسان.
كما عُثر في أوغاريت على المئات من الألواح الطينية المختلفة التي نُقِشَ عليها الملاحم الشعرية و النقوش النُذرية وحتى الموسيقية لكن ما يهمنا من هذه الألواح اليوم هو اللوح الطيني الموسوم بالرمز KTU 1.78 المكتشف سنة 1949 م وكما هو موضح في الصورة الكتابة مكتوبة بشكل سيء ومختصر والترجمة لهذا النص هي :
BTT.YM.HDT.HYR
RBT.SHPH.TGRH.RŠP
والترجمة للعربية الحرفية هي :
– سادس يوم قمر حيارو
– دخلت، شمس، حارس بوابتها ، رِشِف .
– كلمة “HYR” حيارو Hiyyaru هو شهر يتوافق مع أيار .
– رِشِب Reshep أو رشف هو إله سوري محلي تم دمجه مع نيرغال في بلاد الرافدين وكوكب المريخ المرتبط بالحرب والأوبئة يذكر في أوغاريت بالشكل tġr ršp تغر رشف أو ثغر رِشِف يدل على بوابة الشمس حيث كان رشف إلهاً حارساً لبوابة الشمس وهو كنيرغال إله للحرب والأوبئة إذاً تحدد الوثيقة ظهور المريخ إلى جانب الشمس بالتالي كان ظهور المريخ دلالة على فأل شر على البلاد .
في العام 1970 قام كل من :
-Sawyer, J. F. A.
-F. R. Stephenson
بمناقشة ترجمة الكلمة btt ” ستة ” حيث إستندت المناقشة على أن الكسوف لايمكن أن يحدث إلا في ميلاد القمر الجديد وليس في اليوم السادس من ولادة القمر بالتالي إعتبرت مناقشتهم أن الرقم ستة ليس تاريخاً بل إعتبروا الكلمة مرادفةً لكلمة أخرى مطابقة وهي “خجل” بالتالي اودت هذه المناقشة إلى أن النص هو عبارة عن نص ” فأل ” ينذر بقدوم حدث جلل وشؤم كما إعتبر أن كلمة rbt لا تعني “دخول” إنما تناسب كلمة “غياب” بالتالي يصبح المعنى :
“خجل القمر الجديد في شهر حيارو وغابت الشمس مع حارس بوابتها رِشِب ”
وهو ذات الوصف الذي تم ذكره في سفر إشعيا 24 والذي تم إعتباره نبوءة بصلب المسيح وكسوف الشمس .
23- ﺛﻢ ﻳﺨﺠﻞ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﻭﺗﺨﺰﻯ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻷﻥ ﺍﻟﺮﺏ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ ﻳﻤﻠﻚ ﻋﻠﻰ ﺟﺒﻞ ﺻﻬﻴﻮﻥ ﻭﻓﻲ ﺃﻭﺭﺷﻠﻴﻢ، ﻭﻳﺘﻤﺠﺪ ﺃﻣﺎﻡ ﺷﻴﻮﺥ ﺷﻌﺒﻪ .
عموماً مرت على أوغاريت حسب الحسابات الفلكية أربعة كسوفات شمسية مقاربة لعمر اللوح الطيني حسب تحليلات الكربون وهي على التتالي : (1406-1375-1340-1223) ق. م
واحد من هذه الكسوفات وقع في 3 أيار سنة 1375 ق. م لكن بالحسابات الفلكية الحديثة تبينَّ أن المريخ لم يكن مرئياً في ذلك الوقت لكن هذا لا يمنع من فكرة إختفاء الشمس بغير موعدها وخصوصاً أن المريخ ” رِشِف ” هو حارس بوابة الشمس و غياب الشمس يكون بدخول الشمس هذه البوابة أي بوابة المريخ.
لكن في العام 1989 قام كل من :
– de Jong, T.
-W. H. van Soldt
في تقريرهم المعنون في مجلة Nature المعنون ب
” The earliest known solar eclipse record redated ”
تمت إعادة قضية هذه العبارة إلى الدراسة مرة أخرى فتمت إعادة تأريخ الكسوف إلى يوم 5 آذار 1223 ق. م بالتالي إتفق مع النص بكون المريخ مرئياً في ذلك التاريخ بالتالي ربط ظهور ” رِشِف ” بالنص في تلك الفترة كما تحديد زمن الكسوف في الساعة السادسة بعد شروق الشمس بالتالي تم تحديد كلمة ستة وتحديد الوقت حينها كان يتم بطريقة مصرية فكان اليوم يتم تقسيمه قسمين كل قسم 12 ساعة يبدأ من منتصف الليل بالساعة 0 حتى منتصف النهار ليبدأ النصف الآخر.
مما دفعهم لإعتبار النص قد تم تدوينه بالإسلوب المصري وخصوصاً من ناحية تسجيل الوقت و الخط الثاني وفكرة البوابات حيث كان غياب الشمس بالتقليد المصري ناتج عن إبتلاع ألهة السماء حتحور Hathor للشمس وسفرها عبر 12 بوابة من جسد الإله لتخرج منها وتولد من رحِمها من جديد بالتالي كانت حتحور تعمل ذات عمل الإله رشف الذي يشكل بدوره حارس بوابة الشمس في أوغاريت .
في العام 1993 م رُفِض تقرير مجلة nature 1989 م من قبل تقرير قام به العالمان
-Pardee, D.
– N. Swerdlow
والمنشور في ذات المجلة بعنوان
“Not the earliest solar eclipse”
وتم إعتبار أن التدوين هو نقش تحذيري فقط وليس له علاقة بالكسوف حيث ترافق مع هجمات شعوب البحر ظهور المريخ في الأيام الستة الأولى من ميلاد القمر الجديد بالتالي إعتبروه قدوماً للإله رِشِف اله الحرب والأوبئة حاملاً معه الموت للمدينة وخصوصاً مع الهجمات المتكررة لشعوب البحر في تلك الفترة أي تم إعتباره محدداً لنهاية أوغاريت فقام الكتبة بكتابة لوح تحذيري أرسلوه مع أحد السعاة لكنه ذُعر من هول الكارثة التي حلت بالمدينة ولم يصل اللوح إلى الهدف ويدعم هذا الإفتراض أن اللوح الطيني قد عثر عليه ضمن التنقيبات على أساسات باب القصر أي بمكان من غير المفترض وجوده به ومكتوب بخط لا يرقى أن يكون نقشاً ملكياً أي أنه كما يبدو من قام بكتابته كان على عجالة من أمره ويريد التحذير من أمر ما أي أن من كتب هذا اللوح أحد الكتبة المذعور من هجمات شعوب البحر الذين إجتاحوا المدينة وترافق بظهور المريخ ” رِشِف” فأعتبروه فأل شؤم يحذر بنهاية المدينة فدونه بسرعة وتم إرساله لكن على باب القصر وعند دخول الساعي إلى القصر ذُعر من الحشود الهاربة من من القصر فوقع هذا اللوح ولم يحاول إستعادته نتيجة هروب الساعي مع الهاربيين من القصر .
لكن دعونا لا نهمل فكرة الكسوف والتي تحظى بالإجماع العلمي ونحاول أن نقاطعها مع فكرة نهاية أوغاريت فنجد أقرب كسوف معاصر لهذه المرحلة كان سنة 1192 ق. م وهو مقارب لتحليلات الكربون التي تحدد نهاية أوغاريت هو تقريباً في 1190 ق. م لكن هذا الكسوف كان جزئياً بنسبة 94% صحيح أنه كان مرافقاً لظهور المريخ لكنه حدث في 21 من شهر كانون الثاني لكن هذا يخالف تاريخ الحادثة المحددة في شهر حيارو .
في النهاية بعد هذا العرض لجميع الدراسات حول هذا النقش الرأي الأول والأخير لكم.
Amjad Sijary