
اشتهر العرب قديما بالفراسة حيث كان العربي بفضل فراسته يستطيع أن يعرف من ملامح الشخص وخصوصا وجهه أن يعرف اصل هذا الشخص ومن أي قبيلة هو وان ياخذ انطباع عام عنه حول شخصيته مثل كرمه أو بخله ، شجاعته أو جبنه وكان مشهورا عن سيدنا علي أبن أبي طالب فراسته ومنها قوله ( مَا أَضْمَرَ أَحَدٌ شَيْئاً إِلاَّ ظَهَرَ فِي فَلَتَاتِ لِسَانِهِ، وَصَفَحَاتِ وَجْهِه ) .
أصل الفراسة عند العرب
وترجع الفراسة لدى العرب لمعاينة الفرس ومعرفة نسبها من خلال تفحّص أعضائها، ولون جلدها، وشكل عظمها ورأسها. وبما أن العرب مولعون بتريبة الخيول، وتحسين نسلها والمتاجرة بها، فقد وضعوا مقاييس لجمالها وصفاتها. وأصبح النظر فيها حرفة أو صناعة، يتقنها فئة من الناس يحسنون الفراسة.
تاريخ علم الفراسة
من أقدم العلوم التي عرفها الإنسان هو علم الفراسة واهتمت الناس به وأدخلته في كل مناحي حياتهم، وكان العرب أول من استخدم هذا العلم ويقال أنه أول ما ظهر كان عند الصينيين منذ 3000عام وأسموه ميان شيانج أي علم قراءة الوجه، وعرفت الفراسة عند المصري القديم واليونانيين وبالأخص الفيلسوف فيثاغورث الذي كان يحدد قبول الطلاب من عدمه باستخدامه للفراسة عن طريق تحديد مجموعة من الضوابط لقراءة الوجه، وعرفه أرسطو وربط ما بين ملامح الشخص وتشابهه بملامح أقرب حيوان ووصف هذا الشخص بصفات الحيوان الذي يشبهه، كشجاعة الأسد أو مكر الثعلب أو قوة الثور.
في قائمة الرموز التي تظهر في الأساطير الكلدانية والمصرية والهندية واليونانية، نجد أن الحشرات ترمز إلى نشاط الإنسان الإنتاجي، والنمل مثل شائع على ذلك. والأسماك تمثل رغبات الإنسان، والزواحف تمثل الخداع. وفي تراثنا العربي، يمثل كتاب “كليلة ودمنة” ذخيرة هائلة في هذا المجال . ويرى الدكتور يوسف مراد أن للفراسة فضلاً في تأسيس سيكولوجية الشكل، في العصر الحديث. ويبرز التشابه بين المفهومين في مجال الذكاء، من حيث أن الذكاء يدرك من أول وهلة علاقات بدائية معينة، تنطوي على وجود سيكولوجي مسبق لعناصر معزولة ومنفصلة. ويذكر مراد أهم المصادر اليونانية التي غذًت علم الفراسة، ومنها ما كتب ابقراط الحكيم، وخاصة علامات ما قبل لحظة الموت، وعلم اختلاج الأعضاء، ومعرفة الأمراض استناداً إلى أوضاع القمر والكواكب، ومزاج الشعوب وطباعها.
واقتبس الدمشقي والأنصاري بعض الآراء من كتاب “سرّ الأسرار” المنسوب إلى ارسطوطاليس، وتأثّر به أيضاً الطبيب العربي والفيلسوف محمد زكريا الرازي. وضمّن كتابه “الطب المنصوري” فصلاً مشوّقاً، وخصّصه لمعرفة مزاج النائم ومتاعبه المرضية من خلال أحلامه، بحسب التصنيف الأبقراطي الرباعي، ومن الكتاب: من كثرة رؤيته المتواصلة للأمطار والبحار والأودية، دلّ على غلبة الرطوبة، وإذا كثرت رؤيته للنيران والصواعق والحروب، دلّ على غلبة الصفراء. وإذا كثرت رؤيته للألوان الحمر والمصبغات والملاهي والأغذية الحلوة والجروح، دلّ على غلبة الدم عليه. واذا كثرت رؤية الظلمة والسواد والمهاوي والمخاوف، دل على غلبة السواد.
وكذلك إشتهر الأئمة الشيعة بضروب هذا العلم، كذلك عرف إبن عربي بالفراسة الصوفية. ووصف الإمام الشافعي بأنه حجة في هذا المجال . وبينما يحدد إبن سينا الفراسة، بأنها علم، موضوعه الإستدلال على الخلق بالخلق. يرى إبن رشد أن الفراسة تقوم على الصدفة والظنّ، لأن العلاقة بين الرمز والمرموز علاقة ضيقة. وفي بيان فضيلة هذا العلم، يذكر فخر الدين الرازي المتوفي عام 606 هجرية، في كتابه “الفراسة” الذي حققه الدكتور يوسف مراد تحقيقاً علمياً دقيقاً.
يذكر دلالة هذه الفضيلة في الآيات القرآنية والسنّة النبوية، من مثل قوله تعالى: ” سيماهم في وجوههم”. وقوله ” ولتعرفنّهم في لحن القول” وقوله: “إن في ذلك لآيات للمتوسمين” وذكر بعض الطرق التي تعرف بها اخلاق الناس منها التمييز بين الأفعال الطبيعية والمكتسبة والتفريق بين الأحوال بحسب الأصوات والإستدلال بخلق على خلق آخر.
ويظهرأن الرازي لم يكن متأثراً بتصنيفاته المزاجية ومفاهيمه الطبية باليونان فقط ، إنما يصل حدود تأثره إلى المفاهيم الجمالية المستوحاة من الإستطيق (علم الجمال) اليوناني، القائم على فكرة التناسق وكمال الجسم الإنساني، لإعتبار جمال الجسم إنعكاساً لجمال النفس والأخلاق. وفي ذلك يقول الرازي : قبيح الوجه لا يكون حسن الخلق إلا نادراً، لأن المزاج الموجب للخلق الظاهر والخلق الباطن واحد. فإن كان ذلك المزاج فاضلاً ظهر أثر الكمال في الظاهر والباطن معاً، وإن كان ناقصاً فكذلك.
لذلك قال النبي عليه السلام : أطلبوا الحوائج عند حسان الوجوه.
وتفرع علم الفراسة إلى علوم كثيرة ايام العرب ومن هذه الانواع :
أقسام الفراسة عند العرب
• العيافة ( فراسة الاثر ) :
تحليل اثار اقدام من مشى على ارض رملية أو غيرها واستنتاج معلومات غزيرة عن هذا الشخص مثل جنسه وعمره ووزنه وطوله وصحته وغيرها من المعلومات وكذلك كان يستخدم هذا العلم في فنون الصيد من اجل تتبع الفريسة من خلال الاثر الذي تتركه.
• القيافة ( فراسة الإنسان ) :
معرفة خصائص الإنسان السلوكية والنفسية من خلال النظر إلى اعضاء الإنسان مثل الوجه وما يحويه من اجزاء كالعيون والانف والفم والحواجب وملاحظة خصائص الجسم العامة كالاذرع والسيقان والاقدام والظهر والكتف وغيرها من هذه الاعضاء• فراسة الحيوان :- لمعرفة طباع الحيوان واهم صفاته المحمودة أو المذمومة.
• فراسة الجبال ومعرفة المعادن والكنوز الدفينة بها.
• فراسة الغيوم والرياح وتوقع هطول الامطار وكميته.
• الاختلاج (توقع المستقبل ) :- وهي معرفة ما سوف يحدث مع الإنسان من خلال دراسة اعضائه .
• الريافة ( البحث عن الماء ) : وهي معرفة وضعية المياه الجوفية في التربة من خلال شم التربة اوملاحظة النباتات ومدى نموها وحجمها ، وملاحظة الحيوانات وسلوكها في تلك المنطقة .
معرفة خصائص الإنسان السلوكية والنفسية من خلال النظر إلى اعضاء الإنسان مثل الوجه وما يحويه من اجزاء كالعيون والانف والفم والحواجب وملاحظة خصائص الجسم العامة كالاذرع والسيقان والاقدام والظهر والكتف وغيرها من هذه الاعضاء.