
يؤمن ملايين الناس حول العالم بتأثير وقوة العين الشريرة ، حيث يعتقدون بأن العين الشريرة تصدر وهجاً أو شعاعاً ضاراً ينتج عن المشاعر السلبية الاجتماعية كالحسد أو الجشع ، ويكون تأثيره مدمراً في بعض الأحيان .
بشكل عام علينا التمييز بين العين الشريرة ، والتي تعتبر لعنة ، وتميمة العين المعروفة ” خرزة زرقة أو نظر ” ، التي تعتبر الدواء للداء السابق وتبدد لعنة العين الشريرة .
العين الشريرة
يعتبر الايمان بهذه العين قديم جداً فالمصادر الأثرية والكتابية تشير إلى أن أقدم آثار هذه الاسطورة يعود إلى الآلاف السنين في منطقة شرق والبحر الأبيض المتوسط وفي غرب آسيا .
بصراحة ويصعب تحديد مدة زمنية بدأت منه فهي مفهوم غارق في القدم انتقل إلى عصرنا الحالي جيلاً بعد جيل حتى وصل الينا اليوم، لكن بالرغم من مرور هذا الايمان عبر آلاف السنين الا اننا نؤمن به تماماً كما فعل أسلافنا من قبل في العصور القديمة بالتالي يمكننا أن نقول أن هذا المفهوم ظل ثابتاً نسبياً ضمن شكله واطاره العام في الخيال الإنساني .
اعتبر القدماء إن العين الشريرة او الحاسدة تطلق لعنة تنتقل عبر وهج او شعاع ضار يصيب الهدف بسوء ما وهذا ما ﺗﺸﻬﺪ الأدبيات القديمة حول هذا الموضوع كتدوينات ﻫﺴﻴﻮﺩ ، ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ، ﺩﻳﻮﺩﻭﺭﻭﺱ ، ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺱ، ﺑﻠﻮﺗﺎﺭﺥ ، ﻫﻴﻠﻴﻮﺩﻭﺭﺱ الحمصي ، و ﺑﻠﻴﻨﻲ ﺍﻷﻛﺒﺮ ، على سبيل المثال اقترح الفيلسوف اليوناني بلوتارخ في القرن الأول ميلادي تفسيراً للعين الشريرة واعتبر أن العين البشرية لديها القدرة على إطلاق أشعة غير مرئية من الطاقة كانت في بعض الحالات قوية بما يكفي لقتل الأطفال أو الحيوانات الصغيرة.
كما تخبرنا كتاباته أيضاً أنه كان يعتقد أن مجموعات معينة من الناس كانت أفضل من غيرهم في لعن الناس بعيوهم . كما ذكر أن الأشخاص الذين لديهم عيون زرقاء أفضل في لعن الناس من غيرهم .
طبعاً هذا يعود لندرة العيون الزرقاء حول البحر المتوسط في ذلك الوقت ، بدا أن العيون الزرقاء غير طبيعية لدرجة أنه كان يتعين على صاحبها أن يكون ساحراً .
كما قام هليودوروس الحمصي في القرن الثالث ميلادي بتجسيد هذا المفهوم ووصفه بشكل جيد في روايته ” إيثيوبيكا ” حيث كتب: “عندما ينظر أي شخص إلى ما هو ممتاز بعين الحسد فإنه يملأ الأجواء المحيطة بذلك الشيء بالخباثة ، وينقل زفيره المسموم إلى كل ما هو قريب إليه
ونتيجة تغلغل هذا المفهوم للعين الشريرة بالقدم وبالرغم من أنه وثني استمر بنفس الدلالات ووجد له مكاناً في النصوص الدينية ، بما في ذلك الكتاب المقدس والقرآن.
ففي سورة القلم ٥١ مثلاً :
“وان يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لمّا سمعوا الذكر ويقولون أنه لمجنون”
وفي سورة الفلق٥ :
“ومن شر حاسد إذا حسد “
وفي الكتاب المقدس نجد :
في ﺳﻔﺮ ﺍﻷﻣﺜﺎﻝ 23 : 6
“ﻻ ﺗﺄﻛﻞ ﺧﺒﺰ ﺫﻱ ﻋﻴﻦ ﺷﺮﻳﺮﺓ، ﻭﻻ ﺗﺸﺘﻪ ﺃﻃﺎﻳﺒﻪ،”
ﺳﻔﺮ ﺍﻷﻣﺜﺎﻝ 28 : 22 ايضاً
“ﺫﻭ ﺍﻟﻌﻴﻦ ﺍﻟﺸﺮﻳﺮﺓ ﻳﻌﺠﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻐﻨﻰ، ﻭﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻳﺄﺗﻴﻪ .”
وفي ﺳﻔﺮ ﻳﺸﻮﻉ ﺑﻦ ﺳﻴﺮﺍﺥ 14 : 10
“ﺍﻟﻌﻴﻦ ﺍﻟﺸﺮﻳﺮﺓ ﺗﺤﺴﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﺒﺰ، ﻭﻋﻠﻰ ﻣﺎﺋﺪﺗﻬﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﻋﻮﺯ “
وفي ﺳﻔﺮ ﻳﺸﻮﻉ ﺑﻦ ﺳﻴﺮﺍﺥ 31 : 14 أيضاً
“ﺍﺫﻛﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻴﻦ ﺍﻟﺸﺮﻳﺮﺓ ﺳﻮﺀ ﻋﻈﻴﻢ”
وفي العهد الجديد في ﺇﻧﺠﻴﻞ ﻣﺘﻰ 6 : 23
“ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻴﻨﻚ ﺷﺮﻳﺮﺓ ﻓﺠﺴﺪﻙ ﻛﻠﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻈﻠﻤﺎ، ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻚ ﻇﻼﻣﺎ ﻓﺎﻟﻈﻼﻡ ﻛﻢ ﻳﻜﻮﻥ !”
وفي ﺇﻧﺠﻴﻞ ﻣﺘﻰ 20 : 15 أيضاّ
“ﺃﻭ ﻣﺎ ﻳﺤﻞ ﻟﻲ ﺃﻥ ﺃﻓﻌﻞ ﻣﺎ ﺃﺭﻳﺪ ﺑﻤﺎ ﻟﻲ؟ ﺃﻡ ﻋﻴﻨﻚ ﺷﺮﻳﺮﺓ ﻷﻧﻲ ﺃﻧﺎ ﺻﺎﻟﺢ؟”
ﺇﻧﺠﻴﻞ ﻣﺮﻗﺲ 7 : 22
“ﺳﺮﻗﺔ، ﻃﻤﻊ، ﺧﺒﺚ، ﻣﻜﺮ، ﻋﻬﺎﺭﺓ، ﻋﻴﻦ ﺷﺮﻳﺮﺓ، ﺗﺠﺪﻳﻒ، ﻛﺒﺮﻳﺎﺀ، ﺟﻬﻞ .”
وفي ﺇﻧﺠﻴﻞ ﻟﻮﻗﺎ 11 : 34
“ﺳﺮﺍﺝ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﻴﻦ، ﻓﻤﺘﻰ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻴﻨﻚ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻓﺠﺴﺪﻙ ﻛﻠﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﻴﺮﺍ، ﻭﻣﺘﻰ ﻛﺎﻧﺖ ﺷﺮﻳﺮﺓ ﻓﺠﺴﺪﻙ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻈﻠﻤﺎ .”
لفهم هذا الإعتقاد ليس بالأمر الصعب فأحد التفاسير الأولية ينبع من الإعتقاد بأن الشخص الذي يحقق نجاحاً كبيراً أو اعترافًا كبيراً سيجذب نظر الناس إليه بالتالي سيجذب نظر الحاسدين إليه من المحيطين به ويتمنون فشله .
لكن الإعتقاد الأقوى ينبع من التفسير الأولي للرؤية الذي تمت صياغته في اليونان القديمة على شكل نظرية علمية حينها والتي ظلت مستخدمة حتى القرون الوسطى المعروفة اليوم “بنظرية الإنبعاث ” والتي تقول بأن العين ترى بسبب الضوء المنبعث منها والذي يسقط على الأجسام ويعود إلى العين لتتم الرؤية .
طبعاً هذه الفرضية من الطبيعي ان تكون مرتكزة على افكار سابقة تعود لآلاف السنين وتمت صياغتها في اليونان القديمة فعندما نبحث عن سبب هذه النظرية مثلاً عند أول من قال بها وهو ﺇﻳﻤﺒﻴﺪﻭﻛﻠﻴﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ، فسنجد تفسير المعلومة الأولي هو مثيولوجي حيث ﺍﻓﺘﺮﺽ الوجود ﻳﺘﺄﻟﻒ ﻣﻦ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﻋناصر هي ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻭﺍﻟﻤﺎﺀ وقال أيضا ان الألهة ﺃﻓﺮﻭﺩﻳﺖ ﺻﻨﻌﺖ ﺍﻟﻌﻴﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ، ﻭﺃﻧﻬﺎ ﺗﺮﻛﺖ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻴﻦ ﻟﺘﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻴﻦ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﻣﻤﻜﻨﺔ ولتبرير عدم الرؤية ليلا افترض وجود علاقة بين ضوء العين وضوء الشمس ، ظلت هذه النظرية حتى جاء العالم ابن الهيثم في القرن العاشر ميلادي وبين بطلان هذه النظرية اي ان العين هي مستقبل تستقبل الاشعة الضوئية المنعكسة من جسم ما وليس العكس .
عموماً يمكن تفسير هذه النظرية الأولية للروئية تبعاً للملاحظة البسيطة للإنسان القديم من خلال مراقبته الحيوانات كالقطط مثلاً والتي تظهر عيونها وتلمع في الظلام طبعاً العلم الحديث فسر هذه الظاهرة وأرجعها لوجود طبقة تسمى ﺍﻟﺒِﺴﺎﻁ ﺍﻟﺸَّﻔَّﺎﻑ tapeta lucida ، ﻫﻮ ﻃﺒﻘﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﺴﺠﺔ ﻓﻲ ﻋﻴﻮﻥ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻔَﻘَﺎﺭﻳَّﺎﺕ والتي يفتقر لها الإنسان كونه نهاري العيش تتوضع هذه الطبقة ﺧﻠﻒ الشبكية مباشرة وتعكس ﺍﻟﻀَّﻮﺀ ﺍﻟﻤَﺮﺋﻲّ ﻟﻴُﻌﻴﺪﻩ ﻟﻠﺨﺎﺭﺝ ﻋﺒﺮ الشبكية ، لتحصل على مزيد من الضوء بالتالي الناظر يرى ان العيون تلمع وتصدر ضوءاً .
لكن هناك ملاحظة مهمة قد تعطينا تفسيراً آخر فنجد في احد النصوص السومرية الذي يرجع إلى الألفية الثالثة – الرابعة قبل الميلاد ذكر للعين الشريرة التي أسماها السومريون ” igi-hulu ” تذكر النصوص ان هذه العين الشريرة هي عبارة عن مرض يؤدي إلى احمرار العين وتبدو حينها كعين الشر في الحقيقة هذا المرض هو التهاب الملتحمة الناتج عن الاصابات الفيروسية والبكتيرية لملتحمة العين ، والتي تتفاقم بسبب سطوع شمس الصحراء لهذه المناطق. بالتالي كان ازدياد الإصابة سوءاً ، فقد يتسبب ذلك في تلف دائم للعين أو العمى.
لذا وجد السومريون علاجاً طبياً والمعروف لنا باسم” الكحل” وذلك لتحديد عيونهم وحمايتها من العين الشريرة صُنع مزيج الكحل هذا من راتنجات اللبان المتفحمة التي لها خصائص مضادة للبكتيريا.
فكانت الفائدة مزدوجة فلم تقتصر الحماية من البكتيريا فقط انما ساعدت الخطوط المظلمة أيضًا في تشتيت سطوع الشمس المزعج لذلك نجد أن هذه العادة حتى اليوم موجودة عند البدو في المناطق الصحراوية .
تميمة العين الجيدة أو الخرزة الزرقاء
مع الاعتقاد الشديد و الواسع الانتشار بأن العين الشريرة كان لها القدرة على إحداث مصيبة كارثية ، فليس من المستغرب أن يبحث سكان هذه الحضارات القديمة عن وسيلة لجمح تأثيرها ، فكان ابتكار التمائم المناظرة لتلك العيون على مبدأ الرد بالمثل فكانت تلك التمائم عبارة عن عيون تختلف ألوانها لكن اللون الأكثر استخداماً كان اللون الأزرق كون اللون الازرق النادر ارتبط بالعيون الشريرة كما بينا من قبل فيكون فعلا العين الشريرة والتميمة متعاكسان مباشرة وبذلك يحمي الإنسان نفسه من تأثير تلك العيون .
بشكل عام أقدم نسخة من تمائم العين تعود إلى سنة 3300 قبل الميلاد حيث تم العثور على العشرات من التماثيل التي تحتوي عيوناً في ” معبد العيون ” في منطقة تل براك في سورية والتي تعتبر من أقدم التجمعات الحضرية في العالم ، فقد تم العثور ﻓﻲ ﻣﻌﺒﺪ ” ﺗﻞ ﺑﺮﺍﻙ ” ﻋﻠﻰ ﻣﺌﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻤﺎﺛﻴﻞ ﻭﺁﻻﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺴﺮ ﺍﻟﺤﺠﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺮﺧﺎﻣﻴﺔ ﺗﻤﺜﻞ لم ﻳﻌﺮﺽ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﻻ ﺍﻟﻜﺘﻔﺎﻥ ﻭﺍﻟﺮﻗﺒﺔ ﻭﺍﻟﻌﻴﻨﺎﻥ ﺍﻟﺒﺎﺭﺯﺗﺎﻥ ﺟﺪاً مما دفع اغلب الباحثين لإعتبار هذه التماثيل مستخدمه لصد ﺳﺤﺮ ﺍﻹﺻﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﻌﻴﻦ، وأنها ﻃﻘﻮﺱ ﺩﻳﻨﻴﺔ ﻟﻬﺎ ﺩﻻﻻﺕ ﻟﻠﺤﻤﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮ ﻭﺍﻟﻌﺪﻭ ، ﻭﻫﻲ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺪﺍﺕ ﻭﻃﺮﻕ ﺍﻟﺘﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻻﻟﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻣﻦ ﺳﻮﺭﻳﺎ .
لكن نجد هذه العيون لها شكل الرحم مما يدفعنا الإفتراض بأن هذا المعبد مخصصاً لعبادة الربة عشتار / انانا وكما نعلم كانت عشتار أله الخصوبة والحب والجمال والتي تعدد شكلها الأيقوني وتمثيلاتها بالتالي قد تكون العين أحد تمثيلاتها كون للعين والرحم ذات الشكل المغزلي .
يبدو من هذا منطقياً وخصوصاً أن تمائم عشتار وتماثيلها تم استخدامها كوظيفة وقائية في أوقات لاحقة ، وبنفس القصد ذاته ، حيث تم استحضارها تحت أسماء متنوعة في الصلاة ضد عين الشر المتصفة بالغيرة والحسد .
بالتالي يمكن أن نعتبر أنه كما كانت وظيفة يدها الحامية التي تستخدم حتى اليوم بإسم ” خمسة ” أو ” يد مريم ” أو ” يد فاطمة” كانت عينها .
والمثير أيضاً في شمال افريقيا كانت لربات الخصب ذات الوظيفة المرتبط بثقافة الألهة الأم والحماية على سبيل المثال تأنيت القرطاجية الممثول المكافئ لعشتروت أو الألهة المصرية العذراء الام نيت Neith .
على الرغم من أن تماثيل العيون في تل براك تبدو واحدة من أقدم تمائم العين التي تم اكتشافها ، إلا أنها بعيدة عن التصميم الذي نعرفه اليوم والذي وجدت أقدم أشكاله في مصر القديمة حيث تم العثور خلال التنقيبات الاثرية على العديد من قلائد عين حورس الزرقاء العين الحارسة الحامية في الحقيقة اللون الأزرق هو أحد الألوان الخاصة بالطاقة الإيجابية كما اعتقد السومريون القدماء أن العيون الزرقاء كانت علامة على الآلهة كان النبلاء السومريون ذو عيون زرقاء كما تظهر معظم تماثيل السومرين .
لكن صناعة الزجاج الذي بدأ في مرحلة مبكرة مع الفينيقين في عام 1500 قبل الميلاد فقد تم انتاج الزجاج الأزرق بالإستفادة من الطين المزجج المصري ، والذي يحتوي على نسبة عالية من الأكاسيد مثل اوكسيد النحاس واوكسيد الكوبالت يعطي اللون الأزرق عندما يخبز . وهذا الزجاجي تم استخدامه من قبل الفينيقين لتصنيع أقدم أشكال العين الزرقاء الزجاجية المعروفة لنا اليوم بخرزة العين الزرقاء” او تختصر أحيانا ب ” الخرزة الزرقاء ” أو ” العين الزرقاء ” وتسمى ايضاً ” نَظَر nazar ” والتي يمكن تعريفها بأنها عبارة عن تميمة شرقية تمثل عين مصنوعة في الغالب من الزجاج اليدوي الصنع الملون وهذه الألوان تكون دوائر متباينة اللون تتراوح بين الازرق الغامق والأزرق الفاتح والأبيض ومركزها لون غامق جداً اما يكون الكحلي او الأسود وتوضع احياناً ضمن عيون ذهبية لتكون العين الحارسة عين حورس/ رع التي على ما يبدو استعار فكرتها الفينيقيون وطوروها بصناعتهم الزجاجية من المصريين وانتشرت معهم تلك التميمة خلال ورحلاتهم التجارية في أراضي الأناضول القديمة وبحر إيجة ، جنب بلاد الشام و إلى شمال إفريقيا وبذلك بدأت حبات العين الزرقاء تجد طريقها إلى جميع أنحاء العالم . تعرف اليوم في العالم بالأسم نازار nazar” وهو الأسم الذي تعرف به في التركية وحتى الهندية والفارسية وفي لغة اردو حتى على مستوى اوروبة وبقية انحاء العالم اصبحت تعرف بهذا الإسم والأسم نَظَر nazar انتقل لتلك اللغات من العربية من كلمة ” نظر ” والذي يعني البصر و المراقبة والإهتمام .
تعد تركيا اليوم من أشهر الدول التي تصنع هذه التميمة ﻭﻳﺴﺘﺨﺪﻡ ﺍﻷﺗﺮﺍﻙ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎﺹ، ﺍﻟﺨﺮﺯﺓ ﺍﻟﺰﺭﻗﺎﺀ، ﻓﻲ ﻛﻞ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ، ﺣﻴﺚ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺍﻷﺗﺮﺍﻙ ﺣﺘﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬﺍ، ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺮﺩ ﺍﻟﻌﻴﻦ ﻭﺍﻟﺤﺴﺪ ﻭﺍﻟﻨﺤﺲ، ﻭﻳﺘﻔﻨﻮﻥ ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺘﻬﺎ، ﺷﻜﻼ ﻭلوناً، ﻭﻳﻬﺘﻢ ﺑﻬﺎ ﻛﺎﻓﺔ ﻓﺌﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ .
وﻓﻲ العام 2014 ، تمكنت تركيا من ﺇﺩﺭﺍﺝ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺮﺍﺛﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺍﻟﻴﻮﻧﺴﻜﻮ، فتمت اضافة ” ﺍﻟﺨﺮﺯﺓ ﺍﻟﺰﺭﻗﺎﺀ أو نظر “كهوية ثقافية تراثية لها.
خاتمة
وفي النهاية لاتزال عيون الحماية او الخرزة الزرقاء لها تأثير قوي في الحياة الحديثة ، والثقافة الشعبية ، وحتى في تصميم المجوهرات وفروع التصميم الأخرى ، كما انها ما ماتزال حتى اليوم في تقاليدنا بشكل أو بأخر بذات المعنى وذات الايمان وذات الاسلوب بالتعاطي مع هذه التميمة فمازال البعض يرسمون العين الزرقاء على جوانب طائراتهم بالطريقة نفسها التي رسم بها المصريون العين الحامية ( حورس /رع ) على سفنهم لضمان المرور الآمن، لا يزال تقليد شراء الخرزة الزرقاء لحماية الحامل والمولود الجديد من العين الشريرة قائماً كعين لربة الخصب لترعى الأم وطفلها .
المصادر
Amjad Sijary