تصفح

الدب السوري “فويتك” دب برتبة عريف

في ربيع عام 1942 في معسكر للجيش البولندي في شمال بلاد فارس ، إيران اليوم ،صادفت مجموعة من الجنود البولنديين صبياً صغيراً يعمل راعياً للأغنام وبحوزته دب صغير قد عثر عليه على قيد الحياة في البراري المجاورة، تفاوض الجنود مع الصبي على إعطائهم شبل الدب مقابل القليل من الطعام ، وبعض الشوكولاتة ، وسكين سويسري وأشياء صغيرة أخرى وفعلاً تمت المبادلة فقام الجنود بتسمية حيوانهم الجديد ب “ڤويتك Wojtek” ، وهو اسم بولندي شائع ويعني “المحارب السعيد” .

في ربيع عام 1942 في معسكر للجيش البولندي في شمال بلاد فارس ، إيران اليوم ،صادفت مجموعة من الجنود البولنديين صبياً صغيراً يعمل راعياً للأغنام وبحوزته دب صغير قد عثر عليه على قيد الحياة في البراري المجاورة، تفاوض الجنود مع الصبي على إعطائهم شبل الدب مقابل القليل من الطعام ، وبعض الشوكولاتة ، وسكين سويسري وأشياء صغيرة أخرى وفعلاً تمت المبادلة فقام الجنود بتسمية حيوانهم الجديد ب “ڤويتك Wojtek” ، وهو اسم بولندي شائع ويعني “المحارب السعيد” .

وفي حين أن العديد من سلالات الدببة في تلك المنطقة هي مزيج من الأنواع السورية والأوراسية ، إلا أنه للمصادفة كان الدب ڤوتيك من سلالة الدببة البنية السورية الأصلية Ursus syriacus و التي يعود أصلها إلى بلاد الشام ، و التي آنقرضت في بعض المناطق منه كفلسطين ولبنان والجنوب السوري و مهددة بالإنقراض في الشمال السوري وتركيا والعراق وايران .
عامل الجنود البولنديين الدب ڤويتك كالطفل و أشربوه الحليب وأطعموه الفواكه والمربيات والعسل وعندما كبر أشربوه البيرة التي أحبها بشدة وأصبحت شرابه المفضل و من طريف ما نقل عنه أنه كان يدخن لكنه في الحقيقة قد أكل السجائر وبعض الروايات تقول أنه فعل الأمرين معاً .
في الحقيقة كان العديد من الجنود البولنديين أسرى حرب سابقين لدى الإتحاد السوفيتي تم إلقاء القبض عليهم أثناء الغزو السوفيتي & النازي لبولندا عام 1939 لكن السوفيت أطلق سراحهم بعد هجوم الألمان على الإتحاد السوفيتي في العام 1941 وأعاد تجنيدهم و تأهيلهم في معسكراته ليقاتلوا الألمان معهم .

لذلك بعد كل مراحل البؤس والويلات والخسائر التي مر بها هؤلاء الجنود كان ڤويتك الدب مصدر الفرح و السعادة الوحيد لديهم ، فقد تصارعوا ولعبوا معه الملاكمة ، وأخذوه في جولات على ظهر شاحنات صغيرة ، وأينما كان يذهب الفوج ، كان يذهب فويتك معهم ، عبر بلاد فارس والعراق وسوريا وفلسطين ومصر.
وبالطبع لم يعد فويتك شبلاً صغيراً فقد كبر وصار طوله ما يقارب المترين ووزنه ما يقرب من 226 كيلو غرام و أصبح من الصعب إقناع أحد أنه حيوان أليف وخصوصاً عند السفر والتنقل بحراً على السفينه ففي عام 1944 علِق ڤويتك في ميناء الإسكندرية حيث رفض مسؤولوا سفينة النقل الخاصة بالجنود أن يبحر ڤويتك معهم قائلين” أنه حتى لو كان حيواناً أليفاً الجنود وحدهم من يستطيع السفر ” ولحل هذه المشكلة قام الجنود بتجنيد فويتك وإعطائه رتبة ورقم عسكري ودفتر خدمة وراتب شهري وبذلك أصبح جندياً رسمياً معهم دربوه على حمل الصناديق المليئة بقذائف الهاون الثقيلة، ومع ذلك ، جاءت أفضل لحظاته خلال معركة مونتي كاسينو في عام 1944 ، عندما استجاب فويتك لنداء الواجب وساعد وحدته من خلال حمل صناديق قذائف الهاون التي يبلغ وزنها 100 رطل وإمدادات أخرى بسهولة إلى الخطوط الأمامية و تقديراً لشجاعته وبسالته في المعركة تم ترقيته لرتبة عريف و تغيير الشعار الرسمي الكتيبة الثانية والعشرين لتجهيز المدفعية التابع للجيش البولندي إلى دب يحمل قذيفة مدفعية ضخمة.
بعد انتهاء الحرب ، كان الجنود البولنديين مترددين في العودة إلى بولندا ، التي كان يحكمها السوفييت حينها ، وكانت ذكرياتهم عن معسكرات الإعتقال لا تزال في أذهانهم كونهم كانوا سجناء سابقين كما بينّا و قد أُفرج عنهم ليقاتلوا الألمان مع السوفيت بعفو من ستالين إلى جانب ذلك لم تكن هناك رؤية واضحة لبولندا ما بعد الحرب لذلك لجأ ثلاثة آلاف جندي إلى المملكة المتحدة. تم إرسال ڤويتك معهم إلى معسكر في هوتون في اسكتلندا .
في النهاية ، تم تسريح فويتك و وجد له منزلاً في حديقة حيوان في إدنبرة ، و أمضى بقية حياته هناك و كانت وفاته عام 1963م حدثاً أليماً لكل من عرفه .

وللحديث بشكل عام عن الدببة السورية Ursus syriacus و التي بينت سابقاً أنها سلالة صافية غير هجينة يعود أصلها إلى بلاد الشام ، و قد آنقرضت في بعض المناطق كفلسطين ولبنان والجنوب السوري ومهددة بالإنقراض في الشمال السوري وتركيا والعراق وايران .
أقدم ذكر تاريخي أعرفه يعود للألف الثالث قبل الميلاد من خلال رسم على الحجر الجيري الملون في المعبد الجنائزي في أبو صير للفرعون المصري ساحو رع ثاني فراعنة الأسرة الخامسة في مصر القديمة معروض في متحف Neues في برلين ، ألمانيا ، يصور الرسم ثلاثة دببة سورية وجرة بمقبض في الحقيقة لم تكن الدببة أصلية في مصر لكن الملوك أحبوا الاحتفاظ بمثل هذه الحيوانات الغريبة في أقفاص لإظهار القوة السياسية والعسكرية لسفارات الدول الأجنبية لديهم ، كما تم ذكر تلك الدببة في عصور تدوين العهد القديم من خلال احد النصوص يظهر تباهي النبي داؤود بخنقه لدب هاجم قطيعه وسرق شاة منه في صمؤيل 17 .
وذكر وفي نص آخر في سفر الملوك الثاني 2 عندما سخر صبيان المدينة الصغار من النبي إليشع و هو صاعد في الطريق وقالوا له ” إصعد يا أقرع ” فلعنهم بإسم الرب فخرجت دبتان من الوعر والتهمت إثنين وأربعين ولداً منهم .
وفي العصر الحديث شوهدت الدببة السورية مرات قليلة جداً في أماكن متفرقة في الشرق الأوسط أخر تلك المشاهدات الموثقة في العام 2018 مع الصور التي نشرها على مواقع التواصل الإجتماعي بعض عناصر حرس الحدود العراقي وقد قتلوا أحد الدبب النادره الذي اتجه شمالًا بحثاً عن مكان للسبات الشتوي أثناء نومه ، على الرغم من أنه لم يشكل أي خطر على الجنود وتهديد لحياتهم مما أثار غضباً واسع النطاق على مستوى العالم كونه مصنف من الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة (IUCN) ، من الأنواع المهددة بالانقراض .


Amjad Sijary

تابعنا على وسائل التواصل الإجتماعي :
Previous Article

الأفلاطونية المحدثة المدارس السورية والمصرية

Next Article

وريقات من كتب التاريخ

Related Posts