تصفح

آلهة الكتابة نِسابا والإنقلاب الذكوري

نِسابا Nisaba وهي ألهة الكتابة والتعليم والحسابات السومرية وتعرف في بعض القراءات نِدابا Nidaba لكن القراءة نِسابا هي الادق كانت في الأصل ألهةً للحنطة والمحصول في مدينة أوما ” تل جوخة حالياً ” في بداية الألف الثالث قبل الميلاد لكنها أصبحت فيما بعد مرتبطة بمدينة إيرش التي لا يزال موقعها الدقيق مجهولاً في جنوب العراق. كانت نِسابا إبنة الإله آنو ” اله السماء ” وأوراش Uraš ” ألهة الأرض تتطابق أوصاف ننيهرساغ لذلك إعتبرها البعض ذاتها ” كما كانت نيسابا خالةً لجلجامش .


نِسابا Nisaba وهي ألهة الكتابة والتعليم والحسابات السومرية وتعرف في بعض القراءات نِدابا Nidaba لكن القراءة نِسابا هي الادق كانت في الأصل ألهةً للحنطة والمحصول في مدينة أوما ” تل جوخة حالياً ” في بداية الألف الثالث قبل الميلاد لكنها أصبحت فيما بعد مرتبطة بمدينة إيرش التي لا يزال موقعها الدقيق مجهولاً في جنوب العراق.

كانت نِسابا إبنة الإله آنو ” اله السماء ” وأوراش Uraš ” ألهة الأرض تتطابق أوصاف ننيهرساغ لذلك إعتبرها البعض ذاتها ” كما كانت نيسابا خالةً لجلجامش .

في مدن مثل لكش تم تمثيلها كإبنة لإنليل ونينليل الزوجان الإلهيان اللذان جاءا إلى السلطة بمباركة آنو وأوراش .

– لا يوجد أيقونة تصورها كإلهة للكتابة لكن هناك العديد من الأوصاف لها في العديد من الأعمال المكتوبة كقصة حلم كوديا مثلاً حيث صورت بأنها “إمرأة تحمل قلماً ذهبياً وتدرس قرصاً طينياً تم تصوير السماء المرصعة بالنجوم عليه”.

– أصبحت في فترات لاحقة ذات أهمية متزايدة في جميع أنحاء بلاد ما بين النهرين حتى غدت أكثر الآلهة المرموقة في البانثيون السومري 2600-2550 قبل الميلاد .

– تطورت وظائف الألهة نِسابا ومكانتها جنبا إلى جنب مع تطور الكتابة في بلاد ما بين النهرين حتى أصبحت في النهاية تعرف باسم الألهة الكاتبة الحكيمة وحارسة الحسابات الإلهية فنحن كما نعلم أن السومريون قد إبتكروا الكتابة في الفترة الممتدة بين 3500-3000 قبل الميلاد في مدينة اوروك كوسيلة للاتصال وإيصال ماهو مطلوب لمسافات طويلة وخصوصاً في العملية التجارية التي تترافق مع التسجيل والمحاسبة وخصوصاً مع صعود المدن في بلاد ما بين النهرين وتزايد الحاجة إلى بعض الموارد التي تفتقر إليها تلك المناطق عُرفت هذه الكتابة المبكرة باسم الكتابة المسمارية و هي عبارة عن إنطباعات جسم حاد على الطين تولد رموزاً تعطي مدلولات مقطعية صوتية حيث كانت تلك الأصوات تعبر عن اللغة المحكية لشعب سومر .

اكتُشفت المدارس الكتابية المسماة E-DUB-A ” بيت الكتابة ” في المدن والبلدات السومرية الأثرية حيث قامت هذه المدارس بتدريب الطلاب على القراءة والكتابة المسمارية.
كان معظم الكَتبة من الشبان ولكن الأدلة على الأقراص القديمة تكشف أن النساء كُنّ كاتباتٍ أيضاً
فعلى سبيل المثال كانت الكاهنة العليا لمعبد نانا في أور أقدم شاعرة في التاريخ الشاعرة ” إنخيدوانا” توقيع على التراتيل والقصائد التي تكتبها بإسمها إلى جانب ألهتها إنانا.
بالتالي لأول مرة في التاريخ أصبح التسجيل المنظم للمعرفة المكتسبة ممارسة شائعة في أول مدارس العالم في سومر ومع هذا التطور أصبحت الألهة نِسابا هي إلهة محو الأمية وراعية حرفة الكتابة التي تحفظ السجلات وتؤرخ الأحداث أي تقوم بالتوثيق ونسب كل شيء لأصله كإستخدام كلمة ” نسبَ ، ينسب، نساب ” التي نستخدمها اليوم في إعادة الشيء لأصله كما أصبحت مرادفة للحكمة والتعلم وتم استدعاؤها بانتظام من قبل الكتبة العلماء ، الكهنة ، الفلكيين ، وعلماء الرياضيات للإلهام والتوجيه في عملهم حيث كانت أغلفة معظم الكتب المدرسية تنتهي بعبارة “الحمد لِنسابة !”

خلال الفترة البابلية القديمة حوالي 2000- 1600 قبل الميلاد تراجعت مكانة نِسابا لا سيما في عهد العموري حمورابي 1792-1750 ق. م الذي صعد إلى السلطة بعد أن أجبر والده سين-موباليت على التنازل عن العرش لصالحه وبمجرد أن أمسك حمورابي بعرش بابل وضع بشكل ثابت خططه لخلق إمبراطورية التي اقامها بإنتصارات كبيرة على خصومه حيث شكر آلهته على هذه الانتصارات من خلال الارتقاء بهم عالياً ولكن آلهة حمورابي كانوا في الغالب من الذكور بالتالي أدى بروزهم فقدان الآلهة الأنثى الهيبة في جميع أنحاء بلاد ما بين النهرين لصالح الآلهة الذكور و اندثرت الألهة الأم في إنقلاب ذكوري تمثل في اسطورة قتل مردوخ للألهة تيامات و حلّ محل نِسابا الإله نابو ابن مردوخ Marduk الذي رفعه حمورابي إلى منصب كبير الآلهة و أخذ نابو نجل مردوخ كما ذكرنا مكان نِسابا كراعٍ للكتابة والكتبة فهبطت نِسابا مع هذا الصعود، لنابو إلى دور من الدرجة الثانية كزوجته وقرينة له و لم يعد استدعاء نِسابا للإلهام في الإبداع بل أصبح هذا من عمل إله الحكمة الجديد نابو
في الحقيقة رافق هذا الإنقلاب الذكوري ضمن مجمع الألهة إنخفاض مماثل في وضع وحقوق المرأة في المجتمع الرافديني والذي نعيش تأثيره حتى يومنا هذا ضمن الأديان السماوية الثلاثة التي حملت لواء هذا الإنقلاب و التي تعتبر الأنثى مخلوقاً من الدرجة الثانية يعيش تحت هيمنة وسلطة الرجل والذي نستشفه في عدد كبير من النصوص المقدسة .

أخيراً استمر تبجيل معابد نابو لمئات السنين وبقي أسم نيسابا جنباً إلى جنب مع نابو حتى في الفترة الأشورية الحديثة 912-612 قبل الميلاد عندما سقطت الإمبراطورية الآشورية الجديدة في عام 612 قبل الميلاد على يد الدولة البابلية الحديثة تم إلغاء عبادة الآلهة الأكثر ارتباطاً بالحكم الآشوري حيث دمروا تماثيلهم ومعابدهم لكن تم إنقاذ عبادة بعض الآلهة مثل نابو ونيسابا لأنهم من الأثار المستمرة لعبادات الدولة البابلية الأولى استمرت عبادة نابو في العصر المسيحي المبكر في اليونان وروما في حين بقيت نيسابا محصورة في بلاد ما بين النهرين في معظمها كانت لا تزال تعبد في المنطقة خلال الفترة السلوقية 304-64 قبل الميلاد بعد هذا الوقت وانتهت عبادتها مع جميع الألهة القديمة مع إنتشار المسيحية التي لاقت قبولاً أوسع .


Amjad Sijary

تابعنا على وسائل التواصل الإجتماعي :
Previous Article

قيامة البعل العالي

Next Article

بين العبرانيين والعابيرو

Related Posts