آداب صاب :
هو صاب إبن إدريس عليه السلام ، وإليه نسب الحنفاء فقيل لهم ( الصابئون ) .
قال : من لم يملك عقله ، لم يملك غضبه .
وقال : الملك اللبيب يبلغ بالرفق والمداراة ما لا يبلغه بالجفاء والصولة ، خاصة مع الأخيار .
وقال : من حيث يقدر الملك أن الأموال تجتمع له من الجور والعسف من ثم يضيعها ، ومن حيث يقدر أن بالعدل والإنصاف في المعاملة والتقصي على نفسه يضيعها فمن ثم يجمعها فيحسن ذكره وتعمر بلاده ويقهر عدوه .
وقال : سبيل الملك أن يختبر الرجال بأفعالهم لا بما يشاهد من عظيم أجسامهم .
وقال : إذا غلب الملك عدوه فيجب أن يلزم الخصال المحمودة التي ليس هي في عدوه : من العدل وبذل المال والحلم والصبر والصفح عن المسيء وحسن الأخلاق .
وقال : إن جمع الملك الأموال ولم ينفق منها في مواضع الحقوق ، كان ذلك سبب تضييعها مع تلف ملكه .
وقال : اجتماع الكلمة جمع الشمل ، وجمع الشمل قوام الدين ، وقوام الدين قوام المملكة ، وقوام المملكة عمارة الدنيا .
وقال : أعوان الملك معه الريح والنار : فإن النار إذا شعلت بغير ريح ضعف عملها وأبطأ إحراقها .
وقال : جمع المال يحتاج إلى الأعوان ، والأعوان يحتاجون إلى المال .
وقال : سبيل السلطان أن يعرف المنقطعين إليه وينزلهم بمنازلهم وعقولهم وعلومهم ونصحهم وما استحق كل امرىء ، ولا ينكد عطاءه وإنعامه عليهم ، فلا يحصل له في نفوسهم موقع ولا يجدون له سروراً .
وقال : سبيل الملك أن لا يصطنع من عرف بالكذب والشر تقديراً منه أنه متى اصطنعه زال عن طبعه وغيره . فإن تغيير الطباع ونقلها يبعد عن صاحبه.
وقال : لا تأخذوا من جميع الناس جميع ما عندهم ، لكن ينبغي أن تأخذوا ممن هو من الناس محمود في جميع خصائله – جميع ما عنده ، وممن هو محمود في شيء واحد ذلك الشيء فقط ، فإن التفاحة ليس يلتذ منها برائحتها فقط ، بل إنما يلتذ مع ذلك منها بأكلها . فأما الزهر فإنما يلتذ منه برائحته ، ومنه مالا يلتذ برائحته لكن بالنظر إليه مثل ورد الدفلى . فأما النخلة فإنها يلتذ منها بثمرها ، وأما شجر الورد فبزهرها بعد أن يتوقى شوكها . فإذا كان الأمر كذلك فينبغي أن تأخذ ممن هو محمود في الكلام والعقل جميع ما عنده ، وممن هو في الكلام محمود فقط محمود الكلام فقط . وانظر مع ذلك إلى قوتك هل أنت كفء لأخذه ، فإن التقاط العسل من الزهر يمكن النحلة ولا يمكن الإنسان .
وقال : سبيل من تعلم الحكمة أن يلقنها المتعلمين ويقربها لهم ويفهمها إياهم فإن الفهم الأخير يحل رباط الجهل القديم .
آداب اسقلبيوس :
كان تلميذاً لهرميس عليه السلام . وكان سافر معه فلما خرجوا من بلاد الهند وجاءوا إلى فارس خلفه ببابل ليضبط الشرع فيهم . وسار ، فلما كان في آخر عمره اعتل ، واجتمع عليه جماعة من الحكماء فعادوه . فلما رأى اجتماعهم علم أن الهياكل والمعابد قد خلت منهم . فقال لهم : هذا ماكنت أوصيكم به وأنهاكم عنه ؟! لكن الله المستعان عليكم . قد استعملتم الآراء الفاسدة لينفرد كل واحد منكم بشيء ويحصل له شرف ليكون له فيه مرتبة ، وأطعتم جاهلاً من ملوككم ، واخترتم الدنيا على الآخرة . ولو كنتم تسلكون ماجاء به من اصطفاه الله جل إسمه واتخذه رسولاً إليكم مرتبا لشرائعكم – يعني إدريس عليه السلام – كان أولى وأحمد عاقبة .
وقال لهم : عهدي ذات ليلة – ونحن بحضرة النبي الأعظم ، شركنا الله في صالح دعائه ، ونحن على إثر ماكنا عليه من العبادة للذي تجب علينا عبادته – إذا دخل علينا غلمان بأطباق هدايا حسنة ، فردها ووضع خده على الأرض وهو يقول : ربي ! أعطوني ماليس لي فخذهم بما جنوا على أنفسهم وعلي ، وغيرهم ولا تجمع لهم شملا ! – فوالله لقد غيرهم وشتتوا فما اجتمعوا .
وقال : من عرف الأيام لم يغفل الإستعداد .
وقال : إن أحدكم بين نعمة من بارئه ، وبين ذنب من عمله ، وما يصلح ما بين الحالتين إلا الحمد للمنعم والاستغفار من الذنب .
وقال : كم من دهر ذممتموه ، فلما صرتم إلى غيره حمدتموه ! وكم من أمر يغضب في أوائله ، ويبكى عند أواخره عليه .
وقال : المتعبد بغير معرفة كحمال الطاحونة ، يدور ولا يبرح ولا يدري ما هو فاعل .
وقال : فوت الحاجة خير من طلبها إلى غير أهلها.
وقال : إعطاء الفاجر تقوية له على فجوره ، والصنيعة عند الكفور إضاعة للنعمة ، وتعليم الجاهل ازدياد في الجهل ، ومسألة اللئيم إهانة للعرض .
وقال : إني لأعجب ممن يحتمي من المآكل الرديئة مخافة الضر ، ولا يدع الذنوب مخافة الآخرة .
وقال : أكثروا من الصمت ، فإنه سلامة من المقت ، واستعملوا الصدق فإنه زين النطق .
وقيل له : صف لنا الدنيا ! فقال : أمس أجل ، وغداً أمل ، واليوم عمل .
وقال : المشفق عليكم يسيء الظن بكم ، والزاري عليكم كثير العيب لكم ، وذو البغضاء لكم قليل النصيحة لكم .
وقال : سبيل من له دين ومروءة أن ببذل لصديقه نفسه وماله ، ولمن يعرفه طلاقة وجهه وحسن محضره ، ولعدوه العدل ، وأن يتصاون عن كل حال يعيب .